السبت، فبراير 18، 2012

مجموعة قرقاجيا للثقافة والتراث

dansudan
شهدت أمسية الجمعة 30/12/2011م وبأم بدة الحارة 43 ميلاد مجموعة قرقاجيا للثقافة والتراث حيث تم اعتمادها من قبل الفرقة القومية للفنون الشعبية التابعة للإدارة العامة للفنون بوزارة الثقافة الاتحادية ضمن منظومة الفرق والمجموعات التي تعمل في مجال الفنون الشعبية الأهلية. وتهتم هذه المجموعة بنشر ثقافة وتراث الهوسا والتعريف به. وتضم هذه المجموعة تسعة فرق تراثية تتناول كلها ثقافة الهوسا وتراثهم إضافة لقضايا بقية مكونات المجتمع. وهذه الفرق هي فرقة المحبة وفرقة قرقاجيا سمارن هوساوا وفرقة قرقن ذكرى (سفينة الذاكرين) وفرقة ولقيا (البرق) وفرقة كومي ربوني وفرقة وتا تافتو وفرقة كينوا وفرقة هسكي وفرقة أبكر أبو زيتونة إضافة إلى رابطة الشعراء التي تضم مجموعة من الشعراء بلغة الهوسا.
وكلمة «قرقاجيا» مقتبسة من لغة الهوسا وهي تعني التراث وكثيرون قد لا يعلمون أن الهوسا لغة شأنها شأن اللغات الحية في العالم كالعربية والإنجليزية والفرنسية وغيرها. وهي تمثل لغة التواصل الأولى لكل الشعوب التي تقطن في الرقعة الجغرافية التي كانت تعرف قديماً ببلاد السودان والتي تقع جنوب الصحراء الكبرى وتمتد من البحر الأحمر شرقاً وحتى المحيط الأطلسي غربا. كما تمثل لغة الهوسا أهم اللغات الإسلامية ويتحدثها بها أكثر من مائتي مليون شخص على مستوى العالم، وقد كتبت بالحرف العربي قبل أكثر من ثمانية قرون وألفت بها العديد من الكتب في شتى ضروب المعرفة وترجمت منها وإليها كتباً ومؤلفات عديدة كما تدرس بالعديد من الدول في جامعاتها ومعاهدها المختلفة وتبث بها العديد من البرامج عبر المحطات التلفزيونية والإذاعات العالمية.
إن كلمة هوسا - وكما ذكر البروفيسور يوسف الخليفة أبوبكر في مقال له نشر بصحيفة الرأي العام في أكتوبر من العام 2010م: «لم تعد تعني قبيلة الهوسا بل تتضمن كل من يتكلم الهوسا ممن ينحدرون من أصول مختلفة إلا أنهم صاروا هوساويين لغة وثقافة». ويعضد ذلك ما ذكره البروفيسور الأمين أبو منقة - وهو من أبناء الفولاني - حيث يقول: «تعتبر لغة الهوسا أولى اللغات التداولية في غرب أفريقيا حيث يتحدث بها أكثر من ثمانين مليون نسمة ينتمي كثير منهم عرقاً إلى قبائل أخرى غير هوسية تهوَّست عبر العصور وصارت لا تعرف لها هوية غير هوية الهوسا، لذلك بدأ الباحثون منذ فترة بالتعامل مع الهوسا باعتبارهم أمة مثل الأمة العربية قد تعدت مرحلة القبيلة وليسوا بقبيلة».
إن الهوسا يعتبرون من ضمن مكونات المجتمع السوداني ويمتلكون إرثاً ثقافياً كبيراً وتراثاً ثراً وغنيا، ومع هذا لم يكن هذا التراث وهذه الثقافة بمعروفين لدى السواد الأعظم من أفراد الشعب السوداني وذلك بسبب الربكة التي أحدثها اسم «الفلاتة» الذي يطلقه الشعب السوداني كاسم جامع ليضم كل القبائل السودانية التي تعود بجذورها إلى غرب إفريقيا وأهمها وأكبرها الهوسا وإن كان اسم «الفلاتة» هو في الحقيقة اسم لإحدى هذه المجموعات القبيلة وهم «الفلاني» كما يعرفون بهذا الاسم لدى الهوسا بينما يعرفون باسم «فلاتة» لدى قبائل الكانوري عند بحيرة تشاد. وفي ذلك يقول البروفيسور يوسف الخليفة أبوبكر في مقاله آنف الذكر: (لم يختلف الناس في أسماء إفريقية كاختلافهم في قبيلة ولغتهم)، (ولذلك يكتنف الغموض لدى العامة والخاصة في مفهوم الفلاتة). ويعضد ذلك الدكتور عمر عبد الماجد في كتابه (تاريخ الدول والإمبراطوريات الإسلامية في السودان الغربي والأوسط)؛ حيث يقول: (ولعله من المفيد أن نؤكد في البدء بأن الأسماء التي تطلق على هذه المجموعة الإثنية تختلف من مكان لآخر فهم يعرفون باسم «الفلاني» في ديار الهوسا وباسم «الفلاتة» في ديار الكانوري عند بحيرة تشاد وباسم «بني فلان» لدى القبائل العربية والبربرية في منطقة تمبكتو وباسم «بولي» لدى علماء الأجناس الفرنسيين. أما الفولاني فإنهم يطلقون على أنفسهم اسم «فولبي» بل حتى أصلهم الذي ينحدرون منه وكما ذكر الدكتور عمر الماجد لا يزال لغزاً من ألغاز التاريخ الأفريقي إذ أن هناك العديد من الفرضيات في هذا المجال ويتفق معه البروفيسور الأمين أبو منقة في هذا الزعم؛ حيث أشار إلى وجود ما لا يقل عن عشر نظريات حول أصلهم.
بسبب هذه الربكة التي أحدثها هذا الاسم فقد ضاعت كل إسهامات الهوسا الثقافية وحجبت معظم أعمالهم التراثية عن الأسماع والأنظار بل منها ما نسبته بعض القبائل إليها وحتى تاريخهم المشرق بالسودان وإسهاماتهم منذ المهدية بل حتى قبلها وإلى ما بعد الاستقلال لا تزال مجهولة هي الأخرى، لذلك وحتى يرد الفضل إلى أهله ويتعرف الناس على الهوسا وإسهاماتهم في شتى المجالات جاءت مجموعة قرقاجيا للثقافة والتراث لتتحمل عبء التعريف بهذا التراث وتوثيقه وحفظه للأجيال القادمة.
وبما أن مجموعة قرقاجيا للثقافة والتراث تهتم بنشر ثقافة وتراث الهوسا إلا أنها وبحكم أن الهوسا جزء لا يتجزأ من مكونات الشعب السوداني فسوف تهتم هذه المجموعة في أعمالها التي سوف تقدمها بكل قضايا المجتمع بمختلف تكويناته لأنها تأثرت بهذا المجتمع وأثرت فيه، لذلك وبالرغم من خصوصية الاسم إلا أنها سوف تنظر إلى الجميع نظرة واحدة وتحقيقاً لذلك فإنها تسعى إلى تحقيق حزمة من الأهداف السامية والغايات النبيلة التي يمكن تلخيصها في الآتي:
1- نشر تراث وثقافة الهوسا والتعريف به.
2- الحفاظ على ثقافة وتراث الهوسا وذلك بتسجيله وتوثيقه.
3- تشجيع الانفتاح الثقافي والتواصل التراثي بين قبيلة الهوسا والقبائل المختلفة لتقوية أواصر الترابط والتآخي بين مكونات المجتمع.
4- نشر ثقافة السلام والتعايش السلمي بين مكونات المجتمع المختلفة.
5- المساهمة في التعبئة العامة للمشاركة في القضايا القومية والوطنية.
6- المساهمة في محاربة التمييز العرقي والاستعلاء القبلي والجهوي وترسيخ معاني الوحدة الوطنية.
7- إحياء روح التكافل والتراحم بين أفراد القبيلة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين مكونات المجتمع المختلفة.
8- المحافظة على النظام العام وصون المجتمع من التمزق والتفسخ والانحلال وذلك بتزكية القيم الروحية الفاضلة ومحاربة العادات الضارة.
أما الأساليب والوسائل التي سوف تستخدمها المجموعة لتحقيق هذه الأهداف وإنزالها لأرض الواقع فهي سوف تستخدم كل الوسائل المتيسرة التي لا تتعارض مع القوانين والأعراف السائدة بالمجتمع ويمكن تلخيص هذه الوسائل في الآتي: -
1-إحياء الحفلات الشعبية في المناسبات المختلفة لعكس ثقافة وتراث الهوسا.
2- تسيير القوافل الثقافية بالتعاون والتنسيق مع بقية قطاعات المجتمع للتعريف بتراث وثقافة الهوسا.
3- إقامة الأسابيع والمهرجانات الثقافية بصورة دورية وفي مناطق السودان المختلف.
4- المشاركة في إحياء المهرجانات الثقافية والتراثية داخلياً وخارجيا.
5- المشاركة في إحياء المناسبات القومية والتعبوية.
6- إقامة المعارض والندوات والمحاضرات للتعريف بتراث وثقافة الهوسا.
7- التعاون مع كل الجهات التي تعنى بنشر الثقافة والتراث داخليا وخارجيا.
8- استخدام كل وسائل التكنولوجيا المعاصرة لنشر وتوثيق تراث وثقافة الهوسا والتعريف به.
9- إصدار المطبوعات والمجلات والمشاركة في المطبوعات والمجلات والصحف للتعريف بثقافة وتراث الهوسا وتوثيقه.
انعقدت الجمعية العمومية لهذه المجموعة وتم اختيار الأستاذ/ عبده مصطفى داؤود رئيساً لها والأستاذ/ إدريس أبكر أبو زيتونة أميناً عاما، إضافة إلى ثمانية وعشرين عضواً آخرين لعضوية المكتب التنفيذي الذي يضم عشر أمانات، كما تم اختيار الأستاذ/ أبكر أبو زيتونة رئيساً فخرياً وراعياً للمجموعة.

ليست هناك تعليقات: